عهد الله مع إبراهيم

لموسم عيد الميلاد في أمريكا مخاطره الخاصة. وأستطيع أن أفكر في ثلاثة.

  1. خطر الطمع أو الجشع. فالجميع يتسوّق من المحلات التجاريّة. والتسوّق يكشف لك آلاف الأشياء التي لا تحتاجها ولم تكن تريدها إلى أن رأيتها.

  2. خطر الاكتئاب. فهذا موسم الابتهاج، ولكن مجرد هذا يجعل الامور أكثر سوءً عندما تكون وحيدا أو مريضا أو مُحبطا.

  3. خطر التوتر. يبدو أن الجميع في عجلة من أمره. هناك العديد من الهدايا لشرائها، وضيوف لنخدمهم، وديكورات لنضعها، وكل ذلك تحت ضغط مواعيد محددة.

ما نحتاجه في موسم عيد الميلاد:

ما نحتاجه في موسم عيد الميلاد هو بعض الحقائق الهادئة، العميقة والغير متزعزعة من كلمة الله لتمنحنا اتجاهاتنا، وتبقينا على الطريق الصحيح، وتمثل صابورة أو ثقل في السفينة، وتساعدنا على السير في مول نيكوليت غير متأثرين بالشهوة، ومتحررين من الاكتئاب، ومسترخين وسط الهياج. نحن في حاجة إلى بصيرة صلبة لمعنى مجيء المسيح الذي من شأنه أن يبقينا منتبهين في عالم ثمل من حب الأشياء. الحقيقة الأسمى لرسائل موسم عيد الميلاد هي أنّ مجيء المسيح ثبّت عهود الله. يقول في رومية 15: 8 "إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ." أرجو أنه في كل مكان تذهب إليه خلال موسم عيد الميلاد هذا أن تكرر لنفسك مرارا وتكرارا: مجيئه يثبّت العهود! مجيئه يثبّت العهود!

أو كما يقول بولس في 2 كورنثوس 1: 20 "لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ «النَّعَمْ»." كل شيء وُعد إلى نوح وإبراهيم وموسى وداود، وذريتهم قد تثبّت وضُمن بمجيء يسوع المسيح. إذا كانت خطية الإنسان وبر الله يشكّلان عقبة في تحقيق وعود العهد تلك، فقد أزالت ذبيحة المسيح العقبة إلى الأبد. لذا فمجيئه يثبّت العهود. فهو "النعم" التي لله لوعود العهد. وإن كنت وارثا لتلك الوعود، فالمسيح هو "النعم" التي لله لأجلك. ويمكن أن يكون شعارك لموسم عيد الميلاد: مجيئه يثبّت العهود لأجلي.

ثلاثة أشياء نتعلمها من العهد الإبراهيميّ:

فيما يتعلق بعهد الله مع إبراهيم، هذا الصباح أريدكم أن تتعلموا ثلاثة أشياء.

  1. أنتم الذين تضعون رجاءكم في يسوع المسيح وتتبعونه في طاعة الإيمان فأنتم إذا من نسل إبراهيم وورثة لوعود عهده.

  2. وأن هذه الوعود هي لكم مذهلة أكثر من أي شيء سترونه أو تسمعونه خلال هذا الموسم.

  3. وأن هذه الوعود هي أكيدة، ومتجذّرة في أمانة الله الغير متغيرة، ومثبّتة بمجيء المسيح.

1. أولئك الذين هم حقا ذريّة إبراهيم

أولا، أنتم، الذين تضعون رجاءكم في المسيح وتتبعونه في طاعة الإيمان، ذريّة إبراهيم وورثة لوعود عهده. قال الله لإبراهيم في تكوين 17: 4 "أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ." ولكن سفر التكوين يُبيّن بوضوح أن إبراهيم لم يكن أبا لجمهور من الأمم بالمعنى المادي أو السياسي.

لذلك معنى وعد الله كان على الأرجح أن جمهور من الأمم على نحو ما سوف يتمتعون ببركات البنوّة رغم أنهم لا علاقة لهم بإبراهيم جسديّا. هذا مما لا شك فيه ما يقصده الله في تكوين 12: 3 عندما قال لإبراهيم: "وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ لأَرْضِ." منذ البداية، كان في فكر الله أن يكون يسوع المسيح من نسل إبراهيم وأن كل من يثق في المسيح سيصبح وارثا لوعد إبراهيم. لذلك جاء في غلاطية 3: 29 "فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إبراهيم، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ." أو كما يقول في رومية 4: 16-17 "لِهذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ، كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ، لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيدًا لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ [اليهود]، بَلْ أَيْضًا [الأمم] لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إبراهيم، الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ»."

لذلك عندما قال الله لإبراهيم منذ 4000 سنة مضت "أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ"، فقد فتح الطريق أمام أي واحد منّا، مهما كانت الأمة التي ينتمي إليها، ليصبح ابنا لإبراهيم ووارثا لوعود الله. كل ما علينا القيام به هو مشاركة إيمان إبراهيم، أي أن نودِع رجاءنا على وعود الله، بحيث أنه لو تطلّبت الطاعة ذلك، يمكننا أن نتخلّى عن أعز ما نملك مثلما قدّم إبراهيم إسحاق. إننا لا نصبح ورثة وعود إبراهيم بالعمل من أجل الله بل بالثقة أن الله يعمل لأجلنا. "بَلْ تَقَوَّى [إبراهيم] بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا." (رومية 4: 20-21). هذا هو سبب طاعة إبراهيم لله حتى عندما بدت الطاعة وكأنها طريقا مسدودا. لقد وضع ثقته في الله أن يفعل المستحيل.

الإيمان بوعود الله، أو اليوم يمكن أن نقول، الإيمان بالمسيح، الذي ثبّت وعود الله، هو السبيل لتصبح ابنا لإبراهيم؛ والطاعة هي الدليل على أن الإيمان هو حقيقي (تكوين 22: 12-19)؛ لذلك يقول المسيح في يوحنا 8: 39 "لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إبراهيم، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إبراهيم!" أولاد إبراهيم هم أناس من جميع الأمم الذين وضعوا رجاءهم في المسيح، ومثل إبراهيم على جبل المريّا، بالتالي لا يدعوا أثمن ممتلكاتهم الدنيويّة تعطّل طاعتهم. أنتم الذين وضعتم رجاءكم في يسوع المسيح وتتبعونه في طاعة الإيمان من نسل إبراهيم وورثة لوعود عهده. هذا هو الشيء الأول الذي أريد منكم أن تأخذوه هذا الصباح من عهد الله مع إبراهيم.

2. أكثر شيء دهشة للرجاء في هذا الموسم

الشيء الثاني هو أن الوعود التي تأتي إليك كجزء من عهد إبراهيم هي مذهلة أكثر من أي شيء سوف تراه أو تسمعه هذا الموسم. انظر فقط إلى تكوين 17: 7 "وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ." قلب العهد الإبراهيميّ هو أن الله سوف يكون إلها لنا. سوف يكون إلهنا. كلما تأملت في هذه الحقيقة البسيطة كلما أصبحت مذهلة. يقول لنا إرميا ما تعنيه. يقتبس عن الله: "وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا... لاَ أَرْجِعُ عَنْهُمْ لأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ ... وَأَفْرَحُ بِهِمْ لأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ ... بِكُلِّ قَلْبِي وَبِكُلِّ نَفْسِي." (32: 38-41). فإنه يحير العقل محاولة تصوّر ما يجب أن تعنيه إذا كان الله، الذي صنع الكواكب والنجوم والمجرات والجزيئات والبروتونات والنيوترونات والإلكترونات، يفرح بأن يحسن إليك بكل قلبه وبكل نفسه. إذا كان الله إلها لك، إذاً فكل قدرته الفائقة وكل معرفته الكاملة تعمل كل الوقت لفعل الخير لك في كل ظروف حياتك.

يقول بولس في رومية 4: 13 "فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإبراهيم أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلْعَالَمِ، بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ." وفي 1 كورنثوس 3: 21-23 يقول: "فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ ... الْعَالَمُ، أَمِ الْحَيَاةُ، أَمِ الْمَوْتُ، أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ، أَمِ الْمُسْتَقْبَلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ ِللهِ." عندما اقترب الصدوقيين الذين لا يؤمنون بالقيامة من المسيح (في متى 22: 31-32) "وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: «أَنَا إِلهُ إبراهيم وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ»." كان الصدوقيين لا زالوا يفكّرون ويتأمّلون في معنى "أَنَا إِلهُ إبراهيم." لم يدركوا كيف أنه من المدهش بالنسبة لخالق الكون أن يقول للإنسان، " لأَكُونَ إِلهًا لَكَ ... أَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا." لذلك يقول لهم المسيح: عندما يكون الله إلها لكم، فإنكم لن تموتوا. "لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ." كان الصدوقيين في سذاجة تامة للاعتقاد بأن الموت يمكن أن يُنهي الشركة بين الله وأولئك الذين كان قد قال: "أنا إلهكم!"

إنه وعد مدهش يجب أن يملأ أفكاركم جميعا خلال موسم عيد الميلاد هذا. وعندما تسيرون في مول نيكوليت، فإن دعوة الشهوة لن تكون لديها سلطان عليكم، أكثر مما لبائع متجول في محاولة لبيع أجزاء من القلعة لأبناء الملك. وسينبت لعبء الاكتئاب أجنحة، ونير الطاعة سوف يصبح سهلا، وضخامة حقيقة أن الله هو إلهك سوف تبتلع التوتر في هذه الأيام الأخيرة وتترك هدوءاً كبيراً مثل المحيط العميق الهادئ بعد غرق السفينة العدو.

إذاً، أولا، أنتم، الذين تضعون رجاءكم في المسيح، من نسل إبراهيم وورثة لوعود العهد. ثانيا، وعد العهد أن الله سيكون إلهكم هو وعدٌ مذهل بشكل يفوق الخيال. فهذا يعني أن الله يعمل بكل قدرته الفائقة وكل معرفته الكاملة كل الوقت لفعل الخير لك في كل ظروف حياتك بكل قلبه وبكل نفسه.

3. يقين الوعود

الآن، ثالثا وأخيرا، وعد العهد هذا هو مؤكد، ومتجذر في أمانة الله التي لا تتغير وتثبّت بمجيء المسيح. "لأَنَّ أَلْفَ سَنَةٍ فِي عَيْنَيْكَ مِثْلُ يَوْمِ أَمْسِ بَعْدَ مَا عَبَرَ، وَكَهَزِيعٍ مِنَ اللَّيْلِ." (مزمور 90: 4). لو أن الله الحي قد جعل وعد العهد المذهل لك شخصيا قبل أربعة أيام، ألا تكون هناك اليوم بعد قوة ساحقة تماما في حياتك؟ حسنا، 4000 سنة مثل أربعة أيام بالنسبة له. وإذا كنت تثق فيه كالإله الحي، سيكون لوعده هذه القوة في حياتك.

لا تلقي بيدك الخاطئة هنا في يأس. فالمرشحين فقط لبركة إبراهيم هم الخطاة. هذا هو سبب أن مجيء المسيح كان لتثبيت العهد. فحتى إبراهيم نفسه لما كان ليتمتع ببركة إبراهيم إن لم يكن المسيح قد أتى. فإبراهيم، أيضا، كان خاطئا. وبينما كانت مريم تحمل الرب يسوع في رحمها، غنت بتسبحة، وقالت "صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ... عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإبراهيم وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ." (لوقا 1: 51، 54-55). فكان الطفل في رحمها تذكيراً لرحمة الله كما وعد إبراهيم. رحمة، باعتبارها لكم! يثبّت المسيح العهد لأنه في حياته للطاعة والألم بدون استحقاق قد سوّى حسابات أبناء إبراهيم، لكي يكون الله بارا ومع ذلك يقول لي أنا الخاطىء: "أنا إلهك" "اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟" (رومية 8: 32). هذا الوعد المذهل لا يمكن شراءه أو ربحه. ولكن يمكن تصديقه. وإن صدّقته فإنّ كلّ شيء يتغير.