الإيمان بالمسيح، اختبار اللذة" البهجة" المسيحية

44 «أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ.
45 أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً،
46 فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا.

رأينا في المقالة السابقة، أنَّ مسرة الرب الفائقة والمتدفقة، هي أساس الابتهاج المسيحي.

فالله يتمتع ويتلذذ، لأنَّ السرور كله، كائن فيه، بسبب الامتياز الذي يحققه مجده الذاتي، سرور ينعكس بشكل خاص ويتجلى بابتهاج في شخص ابنه الحبيب، وهو مسرور أيضاً، لأنَّه السيد القدير، القادر على منع أي شيء يمكن أن يعطل أسباب سروره.

وأخيراً، مسرَّة الله،هي أساس البهجة المسيحية، لأنَّ رحمته تنسكب من خلالها علينا، فهو" أي الله" عندما يدعو شخصاً ما- رجلاً كان أو امرأة- ليعيش في شركة معه، لا يفعل ذلك ليسد فراغاً لديه، بل على العكس تماماً، الله يدعو الإنسان، ليتشارك معه بغمر وفيض الحب الذي يريد منحه إياه.

إنَّه يسعى ليغدق علينا من فيض ملء فرحه، بهذه الكلمات ختمنا مقالتنا السابقة، عندما قلنا، بأنَّه لا يمكن للمرء أن يمتلك ذلك الفرح اللانهائي في الرب، بسبب وجود شرط، عليه إيفاؤه أولاً، وهو، طاعة وصيته:" وتلذذ بالرب". ( مز 37: 4).

إلا أنَّ الكثيرين، يجدون بهجتهم باكتناز الأموال أو الاستجمام أو حتى بالانتقام، أكثر مما يجدونها في الرب، لذلك ليس لهؤلاء نصيب في رحمته، لأنَّهم ببساطة ضلوا الطريق، وهم يحتاجون بشدة إلى العودة من جديد للإيمان بالمسيح، الأمر الذي سيقودهم بالتالي إلى اختبار متعة الحياة المسيحية التي ستكون موضوع مقالنا لهذا اليوم.

ربما، يتساءل البعض:" إن كان هدفنا النهائي هو، إيصال الإنسان إلى الإيمان بالمسيح، أفلا يكفينا أن نقول له" آمن بالمسيح فتخلص" ما حاجتنا إذن، إلى هذا المصطلح الجديد" البهجة أو اللذة المسيحية"Christian Hedonism

في الواقع، هذا سؤال جيد طرحه، وإجابتي عنه التالي، إننا نعيش في مجتمع له صبغة مسيحية سطحية فقط، في الوقت الذي نجد فيه آلاف الناس الضائعين التائهين المعتقدين بأنَّهم يؤمنون بالمسيح، لكني شخصياً ومن خلال خبرتي ومشاهداتي للعديد من غير المؤمنين والمسيحيين الاسميين، لاحظت بأنَّ مقولة" آمن بالرب فتخلص" لا معنى لها، بالنسبة إليهم.

فبعض السكارى في الأزقة، قد يعلنون لك بأنَّهم يؤمنون، كذلك من يعيشون في علاقات جنسية غير شرعية، قد يؤكدون بأنَّهم مؤمنون، وقد نجد أناساً تقدم بهم العمر ولم تكن لديهم أي شركة مع مؤمنين، أو حتى محاولة للدخول في علاقة حقيقية مع الله، ويقولون لك أيضاً، نحن نؤمن بالرب.

وكل من تجدهم جالسين في صفوف الحاضرين في بعض الكنائس المنغمسة بمحبة العالم والغارقة في الروح الدنيوية، قد يصرون على أنَّهم مؤمنون.

لذلك، أمام المسئولية الممنوحة لي، وبصفتي واعظاً للكلمة، ومعلماً في الكنيسة، أنا لست مجرد سارد متعود على تكرار الآيات الكتابية الثمينة، بل معلن للحق بوضوح ولما تعنيه كل كلمة من كلمات الكتاب المقدس الحية، بطريقة تقود القارئ وتساعده على الشعور بحاجته الماسة إلى المسيح.

وذلك من خلال أخذي لتعليم كتابي أساسي- لم يؤخذ إلى الآن مأخذ الجد- ووضعه تحت عدسة مكبرة، وجعله واضحاً وثاقباً قدر الإمكان، متمنياً وراجياً أن تتلامس معه القلوب، وتتبكت بسببه وتستيقظ بعض الضمائر.

وعلى هذا أقول، بأنَّه حين يؤمن شخص ما، بالرب يسوع المسيح، سيصبح" مسيحياً يملأه السرور والحبور، فيمسي متلذذاً بالرب"، لكن إن لم يحصل على اختبار الولادة الجديدة، ويتحول ليصير على هذه الحال، لن يكون قادراً على رؤية ملكوت السموات، هذا هو الحق الذي أريد كشفه وتأكيده مستعيناً بدعم الوحي المقدس.

مخلوقين بواسطة الله

قبل أن نركز على أمر اعتناق الإنسان وقبوله الإيمان المسيحي، نحتاج إلى إلقاء نظرة متمعنة في خمس حقائق عظيمة تُعطي هذا التحول إلى المسيحية أهميته.

الحقيقة الأولى التي علينا قبولها ومواجهتها كبشر هي، أننا مخلوقين من قبل  الله، لذا نحن ندين له بامتنان هائل من كل قلوبنا على هذا الأمر، وأيضاً على كل ما لدينا، وأعظم مؤشر على وجود امتنان في دواخلنا من نحوه، هو ما يمكن أن نعبر به من مشاعر تذخر بفيضها قلوبنا، نهديها لصاحب ذلك الإحسان الكبير.

إنَّ وجود الامتنان في قلوبنا، يجعلنا في كثير من الأوقات، نُلقي اللوم تلقائياً على شخص ما، لكونه تجاهلنا بعد أن عملنا معه إحساناً، ترانا بعفوية وقد حكمنا عليه بأنَّه مذنب، وذلك لأنَّه لم يعبر لنا عن امتنانه، نحن من أظهرنا له كل اللطف العظيم، لماذا؟

أنت تعلم، بأنَّك إن رددت عليَّ قائلاً:" بصراحة أنا أشعر بذلك، لأني وأنا صغير صُفعت مرة، عندما لم أقل لأحدهم" شكراً"، لذلك علي أن لا أدع الأمر يمر ببساطة هكذا". أنت تعلم صديقي، بأنَّ جوابك هذا، لن يكون مقنعاً بالنسبة لي. لأننا وبصراحة، لو تعجلنا في إدانة أولئك الذين لا يراعون حقوق الآخرين ومشاعرهم، فهذا يحمل في طياته شهادة لإيماننا بأنَّ نحن" الجاحدون أيضاً مُدانون".

والسبب الحقيقي، الذي جعل رد فعل قلوبنا يأخذ هذا الشكل، هو كوننا مخلوقين على صورة الله، إنَّ حُكمك ومشاعرك التلقائية من نحوي- مثلاً- بأني مذنب، فيما لو تجاهلتك بعد قيامك بإنقاذ ابني من الغرق، يُعبر عن صوت الله فيك.

وبالتالي، محاسبتك للآخرين على نكرانهم الجميل، هو مظهر من مظاهر كونك مخلوق على صورة الله، لأنك واع في داخلك بأنَّك مدين له أيضاً بامتنان عظيم وعميم ومن كل القلب.

في الحقيقة، نحن نخدع أنفسنا، ونكون في قمة الرياء والنفاق، إن اعتقدنا بأنَّ الله يتوقع منا تقديراً أقل- على ما منحنا إياه- من ذلك الذي اعتدنا على تقديمه للآخرين. ( احمدوا الرب لأنَّه صالح، لأن إلى الأبد رحمته) مز 107: 1.

لذلك، إن كنت قادراً بسهولة على القول:" أنا أحمل المُثل الأخلاقية الكافية والقادرة على جعلي إنساناً مهتماً بتقديم الامتنان اللازم لجيراني، لن تتمكن معه من الهرب من حقيقة قانون الله المكتوب على قلبك والقائل: المخلوق مدين هو الآخر، لخالقه بمشاعر الامتنان، لصلاحه معه.

الشعور بضآلتنا، أمام الله، بسبب خطيئتنا

كل ما سبق يقودنا إلى حقيقة عظيمة ثانية، على الإنسان مواجهتها أيضاً وهي: أننا لم نشعر، ولا نشعر الآن، ولن نشعر غداً بعمق وشدة الامتنان الدائم لله الذي ندين له به، بصفته خالقنا.

كما أننا، في الحقيقة، لا نحتاج حتى إلى الكتاب المقدس، ليخبرنا بأننا مذنبون، لأننا نُدرك هذا في أعماقنا ونعرف بأننا لم نعط الله، ما نطلبه نحن من جيراننا.

ندرك بأنَّ مشاعر الدينونة التي نضمرها في قلوبنا، تحكم على الجاحدين بأنَّهم مذنبون، إلا أننا نعلم كذلك، بأنَّ ما نضمره من مشاعر يحمل في طياته، شهادة حية بأنَّ الله أيضاً يحكم عليناً، بأننا مذنبون لجحودنا المذهل تجاهه.

ونحن وإن أطفأنا هذه الشهادة في قلوبنا؛ فالوحي المقدس يكشفها ويظهرها ويجعلها صريحة ( رو1: 18-21):

لأنَّ غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم. إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأنَّ الله أظهرها لهم ... لأنَّهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي.

بكلمات أخرى، أنَّه حينما يقف كل إنسان أمام الله ليعطي حساباً عن حياته، لن يحتاج الله لاستخدام آية واحدة من آيات الوحي المقدس، كي يُظهر للناس ثقل ذنوبهم التي تدينهم، لأنَّه ببساطة سيوجه إليهم ثلاث أسئلة:

1) ألم يكن واضحاً بشكل كاف لك، أنَّ كل ما تملكه هو هبة مني، وبأنَّه بصفتك خليقتي كنت معتمداً عليَّ لتحيا وتتنفس، وتفعل كل شيء؟

2) ألا يملأ  قلبك الغيظ والإدانة، حين يقابل أحدهم، معروفك معه بلا مبالاة؟

3) هل امتلأت حياتك بفرح الامتنان تجاهي، فرح يتساوى مع اللطف والمعروف الذي فعلته معك؟ ...... وبناء على إجاباتهم، ستغلق القضية!

الوقوع تحت غضب الله

أما الحقيقة الثالثة العظيمة، التي علينا مواجهتها هي الأخرى، أنَّ غضب الله سيحل علينا بسبب جحودنا، وذلك لأنَّ مشاعر الإدانة التي نمتلكها من نحو الآخرين، تحتاج منا إلى مراجعة حساباتنا، لسنا نحن فحسب، بل الكون كله من جديد، في ضوء الأمور المتعلقة بالأخلاقيات التي نعيشها.

فكما أننا لا نسمح للجحود الذي نواجهه من قبل الآخرين، أن يختفي هكذا بهدوء وسهولة ويتطاير في الهواء، كم بالحري الله؟ إنَّ بر الله، يُحتم عليه أن نعظم مجده.

ففي الوقت الذي نقلل فيه بجحودنا، من قيمة مجد الله، نحاول تطبيق العدالة، فمثلاً، إن كنا نعتبر الإنسان، ذا قيمة أكبر من الحيوان، وإن كنت تستحق السجن إن أسأت إلى سمعة أحدهم- مع أنَّه في الواقع لم ولا يدان أحد للأسف بسبب التشهير وإساءة سمعة الآخرين- كذلك الله أيضاً، الذي له قيمة أسمى وأعظم من الإنسان، إنَّ الافتراء على شخصه من خلال علامات متنوعة يظهرها جحودنا، يوجب علينا حكماً بالهلاك الأبدي، لأنَّ أجرة الخطية موت( أبدي)  رو 6: 23.

المسيح الذي احتمل الغضب نيابة عنا

ألا يخيفك أننا وقعنا تحت دينونة الله؟ إنَّه أكثر خبر مخيف في العالم بأسره، أن ندرك بأننا وقعنا تحت دينونة خالقنا، وذلك لأنَّه قدوس وعادل، وعلى هذا، فاعتبارات مجده تُلزمه أن يصبَّ جام غضبه على خطية جحودنا.

لكن، توجد حقيقة عظيمة رابعة، حقيقة لا يمكن أبداً لأي إنسان أن يعرفها بشكل فطري، أو يتعلمها من الطبيعة المحيطة به، ولا من صوت ضميره، لأنَّها حقيقة لا بد أن نُخبَر بها، وهذا ما يحدث بالفعل، فهي تُعلن من خلال عظات كنائسنا، وهي قلب رسالة عملنا المرسلي.

إنَّها بالتحديد، الأخبار السارة التي أقرّها الله ذاته، وهي أنَّه وجد حلاً من طرفه، يمكنه من خلاله، إيفاء ديوننا التي وضعتها علينا مطاليب بره، وبهذا سيُرحَم الجنس البشري من الدينونة التي يستحقها، فلا يدان كله.

فما الذي فعله الله؟

لقد وضع هذه الدينونة على ذاته، وضعها كلها، بغض النظر عن أي استحقاق فينا، ليتمم خلاصنا.

لقد عينت حكمة الله، هذه الطريقة كي تُظهر محبته لنا، وتنقذنا من غضبه، لكن، دون أن يأتي هذا على حساب بره.

هل تعرفون كيف؟ كيف استُعلنت حكمة الله؟

" ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوين يهوداً ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله." 1 كو 1: 23، 24

يسوع المسيح ابن الله مصلوباً، هو حكمة الله وبه، يمكن لمحبة الله أن تخلِّص الخطاة من غضب الله، وهذا يُظهر بر الله.

" الذي قدَّمه الله كفارة بالإيمان بدمه، لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله، لإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع." رو 3: 25، 26

كيف يبرئ المسيح، الخطاة الجاحدين لمجده، ومع ذلك يُظهر بره واعتبارات مجده؟

الإجابة:" لأنَّه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" 2 كو 5: 21

" فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد." رو 8: 3

" الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" 1 بط 2: 24

" فإنَّ المسيح أيضاً، تألَّم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى الله"1بط 3: 18

أي أنَّه، مع أنَّ أكثر خبر يمكن أن يرعبنا في هذه الحياة، هو أن نعرف بأننا قد وقعنا تحت دينونة من خلقنا، وهو ملتزم بهذا بسبب بره، لأجل مجده، وأنَّه سيصب على خطية جحودنا جام غضبه، إلا أننا رغم ذلك، نملك أكبر خبر مفرح في العالم بأسره، وهو بشارة الإنجيل، خبر يقول لنا بأنَّ الله، حكم على ابنه عوضاً عنا نحن( غل 3: 13)، ومن ثم أظهر بره تجاه مجده، وفي الوقت نفسه، خلَّص الخطاة الذين أنا وأنت منهم.

ما الذي أفعله، كي أخلص؟

ليس كل الخطاة، ليس الجميع من سيخلص من غضب ودينونة الله، لمجرد أنَّ المسيح مات من أجل الجميع.

وهذه هي الحقيقة الخامسة التي علينا سماعها: هناك شرط، يجب أن نوفي به كي نخلص، هذا ما ستخبرنا به وتظهره نقطتي الأخيرة التي ستقودك لتصبح شخصاً مسيحياً حقيقياً، وهذا هو الجزء المهم من هذا الشرط.

ما الذي علي فعله كي أخلص؟

هذا، أهم سؤال على الإنسان- أي إنسان- أن يسأله، لذلك، دعونا نبحث، ولو لدقيقة، عن الطرق المختلفة التي أجاب الرب بها في كلمته عن هذا السؤال.

أولاً، الإجابة التي نجدها في سفر الأعمال 16: 31 هي:" فقالا: آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص".

ثم الإجابة الأخرى نجدها في يوحنا 1: 12 وهي تؤكد على أنَّه لا بد لنا من أن نقبل المسيح" وأما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله".

ثم الإجابة التي في أع 3: 19 وهي في كلمة" توبوا" أي تحولوا عن الخطية." توبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم ".

ثم الإجابة التي في عبرانيين 5: 9 وهي تتحدث عن الطاعة للمسيح" صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي.

والمسيح نفسه، أجاب عن هذا السؤال بطرق متنوعة، فعلى سبيل المثال، اشترط في متى 18: 3 " لزوم العودة كالأطفال، كشرط للخلاص" فقال:

الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد، فلن تدخلوا ملكوت السماوات´

وفي مر 18: 34، 35، نرى شرط إنكار الذات والرغبة في التخلي عن كل شيء من أجل المسيح.

فإنَّ من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها.

وفي متى 10: 37 أكَّد يسوع على أنَّ شرط استحقاقنا له، هو محبته أكثر من أي أمر أو شيء آخر.

من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني ومن أحب ابناً أو ابنةً أكثر مني فلا يستحقني. ( انظر1 كو 16: 22، 2 تي 4: 8)

وفي لو 14: 33، شرط الخلاص هو، العتق من محبة ممتلكاتنا" فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً."

هناك العديد من الشروط التي نجدها في العهد الجديد، والواجب علينا إيفاؤها، كي ننال مفاعيل موت المسيح وخلاصه.

لا بد أن نؤمن به، ونقبله، ونتحول عن الخطية، ونطيعه، ونتواضع كالأطفال أمامه، أن نحبه أكثر من عائلتنا ومن ممتلكاتنا وحياتنا.

هذا هو معنى" تبعية المسيح" وهذا وحده، الطريق إلى الحياة الأبدية.

شرط واحد للخلاص

إلا أنَّه هناك ما يجمع كل تلك الشروط معاً، فما هو؟ ما الذي يوحدهم؟ وما الذي يدفع الإنسان لفعل كل ما تفرضه عليه تلك الشروط؟

أعتقد بأنَّ الإجابة، يمكن أن نراها في المثل البسيط الذي ذُكر في متى 13: 44

أيضاً يشبه ملكوت السماوات، كنزاً مخفياً في حقل، وجده إنسان فأخفاه ومن فرحه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل.

هذا المثل، يصف لنا كيفية تحوُّل الإنسان ومجيئه إلى ملكوت السموات، لقد اكتشف كنزاً جعله يبيع كل ما يملك- بفرح فعل هذا- كي يحصل على ذلك الكنز.

أنت بالفعل، قادر على أن تصبح مسيحياً حقيقياً، عندما يصبح المسيح كنزاً لفرحك المقدس، والولادة الجديدة لهذا الميل المقدس تمثل القاعدة المشتركة لجميع شروط الخلاص.

نحن نولد ثانية، نصير مسيحيين حقيقيين، حينما يصبح المسيح كنزنا، ونجد أنفسنا وقد غمرتنا بهجة عارمة، لذا نثق به، ونطيعه، ونتحول عن كل ما يغضبه، إلى أن تصير عادة دائمة فينا.

لعل أحدهم يقول معارضاً فكر البهجة المسيحية:" من الممكن أن نأخذ قراراً بالعيش مع المسيح، دون أن نأخذ حافز الفرح والبهجة في الاعتبار".

في الواقع، أنا أشك في ذلك كثيراً، لكني سأرد على صاحب الاعتراض هذا، بسؤال آخر" هل لديك أي دليل في الوحي المقدس، عن أناس أتوا إلى المسيح، بدافع آخر غير الرغبة في الفرح والبهجة فيه؟

قد يجيبني:" إنَّ هدفنا في الحياة، هو إرضاء الله، وليس أنفسنا".

لذلك سأطرح عليه سؤالاً آخر.

حسناً إذن، ما الذي يُرضي الله؟

في عب 11: 6 يقول:

ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه لأنَّه يجب أنَّ الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنَّه موجود وأنَّه يجازي الذين يطلبونه.

لا يمكنك إرضاء الله، إن لم تأت إليه، ناظراً المجازاة.

ما الذي قاله الرب يسوع، لبطرس عندما ركز بطرس في حديثه على تضحياته الشخصية" ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك" متى 19: 27.

لقد رأى المسيح بذور الافتخار التي تتلخص في" أننا اتخذنا قراراً بطولياً، وضحينا من أجلك".

لذا تعامل المسيح مع هذا الاستعلاء الذي ملأ قلب بطرس؟

ورد عليه قائلاً:

كل من ترك أي شيء من أجلي، سيأخذ مائة ضعف... وفي الحياة الآتية، سيرث الحياة الأبدية.

بكلمات أخرى:" بطرس، إن لم تأت إليَّ، لأني كنز أعظم من كل ما تركته؛ فأنت لم تأت على الإطلاق.

لأنَّك لا تزال محباً ومتعلقاً بما كان يشبعك ويكفيك، وإلى الآن لم ترجع لتصير طفلاً صغيراً ممتناً لما ناله ويناله من نعيم والده.

إنَّه التفاخر والزهو، الراغب دوماً في جعل الإنسان، أكثر وأكبر من مجرد طفل رضيع يتغذى على البر والسلام والفرح من المسيح الكرمة.

لكنَّ شرط الخلاص هو، أن تأتي إلى المسيح، سعياً للمجازاة، وتجد فيه وحده كنزاً للفرح المقدس.

الخلاصة: هناك خمس حقائق عظيمة، على كل إنسان أن يُقر بها.

الحقيقة الأولى:" إنَّ الله خالقنا وله نحن ندين، وبامتنان كبير، على كل ما أعطانا." الحقيقة الثانية:" مع الأسف الشديد، لا أحد فينا، يشعر بالعمق، أو القوة، أو بالرغبة الدائمة والمنتظمة للاعتراف والامتنان بما ندين به للخالق."

الحقيقة الثالثة:" إننا بسبب ذلك، صرنا تحت دينونة بر الله."

الحقيقة الرابعة" إنَّه بموت يسوع المسيح، أوجد لنا الله، طريقاً يوفي من خلاله، مطالب بره، وفي الوقت ذاته، يتمم خلاصنا، نحن بنو البشر."

أخيراً، إنَّ الشرط الذي علينا تتميمه كي نستفيد من هذا الخلاص العظيم، هو أن نتحول إلى الإيمان بالمسيح، ومتى يحدث ذلك؟ يحدث عندما يصبح المسيح كنزاً للفرح المقدس.

فكل دعوة كتابية في الوحي المقدس، مبنية على وعد بكنوز متعددة، لكن، المسيح وحده هو أعظم مجازاة ومكافأة على كل تضحية.

إنَّ دعوة البشارة ذاتها لم تخطئ في كونها دعوة للبهجة والفرح.

أيها العطاش جميعاً، هلِمُّوا إلى المياه والذي ليس له فضة، تعالوا اشتروا وكلوا هلِمُّوا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمراً ولبناً، لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعاً وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم أنفسكم، أميلوا أذانكم وهلِمُّوا إليَّ اسمعوا فتحيا أنفسكم وأقطع لكم عهداً أبدياً، مراحم داود الصادقة. أش 55: 1-3