لماذا وكيف نحتفل بالعشاء الرباني

وَلكِنَّنِي إِذْ أُوصِي بِهذَا، لَسْتُ أَمْدَحُ كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ. 18لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ، وَأُصَدِّقُ بَعْضَ التَّصْدِيقِ. 19لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضًا، لِيَكُونَ الْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ. 20فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ. 21لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ. 22أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ! 23لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا 24وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 25كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». 26فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ. 27إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. 28وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. 29لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ. 30مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ. 31لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، 32وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ. 33إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. 34إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي الْبَيْتِ، كَيْ لاَ تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ. وَأَمَّا الأُمُورُ الْبَاقِيَةُ فَعِنْدَمَا أَجِيءُ أُرَتِّبُهَا.

قبل أن نعود إلى رسالة رومية في الأسبوع المقبل (إن شاء الرب)، فكرت أنه سيكون من المفيد لنا أن نضع العشاء الرباني في سياق كتابي ونركز اهتمامنا على سبب وكيفيّة اتّباع هذه الفريضة. لذا فاليوم سنضع الرسالة أولا ومن ثم نتقدّم إلى العشاء الرباني مع العظة.

بعد الكتاب المقدس، الذي هو الأساس المعصوم لحياتنا ولكنيستنا، تُعتبر إحدى أهم الوثائق في حياة كنيستنا هي إقرار الإيمان لشيوخ كنيسة بيت لحم المعمدانية. وأنا أشجع كل واحد منكم لقراءتها. يمكنك أن تراها في موقع الكنيسة أو موقع الشّغف لله. الفقرة 12. 4 تعطي ملخص عقائدي لما نؤمن ونعلّم عن العشاء الرباني:

نحن نؤمن أن العشاء الرباني فريضة من الرب والتي فيها يأكل المؤمنون المجتمعون الخبز، دلالة على جسد المسيح المقدم لشعبه، ويشربون كأس الرب، دلالة على العهد الجديد بدم المسيح. نحن نفعل هذا لنتذكّر الرّب يسوع، وهكذا نعلن موته حتى يأتي. أولئك الذين يأكلون ويشربون باستحقاق يشتركون في جسد المسيح ودمه، ليس جسديا، بل روحيا، وبذلك يتغذون، بالإيمان، بالفوائد التي حصل عليها بموته، وهكذا ينمون في النعمة.

سوف أحاول أن أقدم الأساس الكتابي لهذا المفهوم للعشاء الرباني تحت ستة عناوين: 1) الأصل التاريخي، 2) المشتركون المؤمنون، 3) العمل المادي؛ 4) العمل العقلي؛ 5) العمل الروحي، و6) الجدية المقدسة.

1. الأصل التاريخي للعشاء الرباني:

إنجيل متى (26: 26 وما يليها)، مرقس (14: 22 وما يليها)، ولوقا (22: 14 وما يليها) كلهم يخبرون عن العشاء الأخير الذي كان للمسيح مع تلاميذه في الليلة التي سبقت موته. كل واحد منهم يصف أن المسيح قدم الشكر أو بارك الخبز والكأس، وأعطى لتلاميذه قائلا إنّ الخبز هو جسده والكأس هو دم العهد، أو العهد الجديد بدمه. في لوقا 22: 19، يقول المسيح: "اِصْنَعُوا هذَا ذِكْرِي." لا يخبرنا إنجيل يوحنا عن الأكل والشرب، وإنما عن التعاليم والأفعال التي ملأت الأمسية.

بحسب ما نستطيع أن نخبر من السّجلات القديمة، صنعت الكنيسة ما قاله المسيح: فهم أعادوا صنع هذا العشاء لذكرى المسيح وموته. رسائل بولس هي أقرب شهادة لدينا، و في 1 كورنثوس 11: 20، يشير إلى حدث في حياة الكنيسة يُسمى "العشاء الرباني." سُمي "العشاء الرباني" على الارجح لأنه تأسّس وتعيّن من قبل الرب يسوع، ولأن مجرد معناه الإحتفال بذكرى موت الرب. يقول بولس في 1 كورنثوس 11: 23-24 "لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي»." "لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ..." ربما يعني أنّ الرب نفسه أكد لبولس (الذي لم يكن في العشاء الأخير مثلما كان غيره من الرسل) أنّ ما تردد عن الآخرين بشأن العشاء الأخير حدث فعلا.

وبالتالي فإن الأصل التاريخي للعشاء الرباني هو ذلك العشاء الأخير الذي أكله المسيح مع تلاميذه في الليلة السابقة لصلبه. وتمتد جذوره ومعناه إلى ما قاله المسيح وفعله في تلك الليلة الأخيرة. المسيح نفسه هو أصل العشاء الرباني. وهو أمَرَ أن يستمر ذلك. وهو محور ومضمون ذلك.

2. المشتركون المؤمنون للعشاء الرباني:

العشاء الرباني هو فعل الأسرة المجتمعة لأولئك الذين يؤمنون بيسوع المسيح، أي الكنيسة. هذا ليس عملا لغير المؤمنين. قد يكون من الحاضرين من هم غير مؤمنين، في الواقع، نحن نرحب بهم ليكونوا حاضرين، ليس هناك شيء سري حول العشاء الرباني. يتم ذلك علانية. فله معنى علني. وهو ليس سري، أو عبادة طقسية بقوى سحرية. بل هو فعل علني للعبادة من قبل الكنيسة المجتمعة. في الواقع، في 1 كورنثوس 11: 26، بولس يقول: "فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ." لذلك هناك جانب الإعلان للعشاء. إعلان، وليس خصوصية، هي الملاحظة الهامة.

نحن لا نمنع أخذ العشاء الرباني لشخص في دار للرعاية أو مستشفى، ولكن هذا النوع من الإحتفال الفردي هو استثنائي، وليس القاعدة الكتابية. خمس مرات في 1 كورنثوس 11، يتحدث بولس عن الكنيسة "تَجْتَمِعُونَ" عند تناول العشاء الرباني. آية 17ب: "كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ." الآية 18: "لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ." الآية 20: "فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ." الآية 33: "إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." الآية 34: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي الْبَيْتِ، كَيْ لاَ تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ.”

وبعبارة أخرى، كانوا يُحَقّرون من العشاء الرباني من خلال ربطه بشكل وثيق جدا بتناولهم للعشاء المألوف، وكان لبعض الناس الكثير لتناول الطعام وغيرهم لم يكن لهم أيّ شيء. لذلك قال، كلوا عشائكم الخاص في البيت واجتمعوا معا لتناول العشاء الرباني.

ثم لاحظ كلمة "الْكَنِيسَةِ" في الآية 18: "حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ" هذا هو جسد المسيح، اجتماع أتباع المسيح. هؤلاء الذين تحولوا عن الأصنام ووثقوا في المسيح وحده لغفران خطاياهم، ولرجاء الحياة الأبدية، ولشبع نفوسهم. هؤلاء هم المسيحيين. وبالتالي فإنّ المشتركين في العشاء الرباني هم المؤمنون بالمسيح مجتمعون معا.

3. العمل المادي للعشاء الرباني:

إنّ العمل المادي للعشاء الرباني ليس استهلاك وجبة ذات سبع مراحل. بل الأمر بسيط جدا. إنه أكل الخبز وشرب الكأس. الآيات 23ب-25 "أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي».”

لا يوجد أي تحديد عن نوع هذا الخبز أو الطريقة التي يقطع بها. التعبير الوحيد عما كان في الكأس موجود في آية واحدة في كل من متى ومرقس ولوقا: "وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي" (متى 26: 29؛ راجع مرقس 14: 25؛ لوقا 22: 18). لذا يُسمى "نِتَاجِ الْكَرْمَةِ." أنا لا أعتقد أننا ينبغي أن نجعل شأنا كبيرا حول ما إذا كان مجرد عصير العنب أو الخمر مستخدما. ليس هناك شيء في النص يأمر أو ينهي عن الواحد أو الأخر.

ما يجب أن يهمنا هو البدائل الهازلة، مثلا شطائر الفطير ومشروب غازي في حفلة سمر. العشاء الرباني ليس ألعوبة. ينبغي علينا أن نحتفل به بشعور عن كونه عظيم الشأن، وهو ما سنتكلم عنه بعد مجرد لحظة.

وأود أن أشير بشكل عابر أيضا أنه لا يوجد شيء في العهد الجديد عن تكرار ممارسة العشاء الرباني. البعض يعتقد أنه سيكون من الجيد أن نفعل ذلك أسبوعيا، والبعض الآخر يمارسه كل ثلاثة أشهر. نحن في الوسط، وعادة نحتفل به في يوم الأحد الأول من كل شهر. أعتقد أننا أحرار في هذه الصدد والمسألة تصبح مرتبطة بـ 1) تكراره بانتظام وعدم الانتظام يتوافق مع أهميته الصحيحة في ما يتعلق بخدمة كلمة الله؟ و 2) التكرار بانتظام أو عدمه يساعدنا على الشعور بقيمته بدلا من أن يصبح صارما له؟ تلك ليست أحكاما سهلة لاتخاذها، والكنائس المختلفة تتعامل معها بطرق مختلفة.

4. العمل العقلي للعشاء الرباني:

العمل العقلي للمشتركين في العشاء الرباني هو تركيز الذهن على المسيح وخصوصا عمله التاريخي في الموت من أجل خطايانا. الآيات 24 و25: "اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي." ونحن نقوم بالفعل المادي من الأكل والشرب، يجب علينا أن نقوم بالعمل العقلي للتذكّر. وهذا يعني، أننا ندعو بوعي شخص المسيح إلى الذهن كما عاش مرة واحدة وعمل المسيح كما مات مرة واحدة وقام مرة أخرى، وما يعنيه عمله للصفح عن خطايانا.

العشاء الرباني هو تذكير صارخ، مرة بعد مرة، أن المسيحية ليست روحانية العصر الحديث. إنها لا تتواصل مع كيانك الداخلي. ليست تصوُّفًا. بل هي متجذرة في حقائق تاريخية. عاش المسيح. كان لديه جسد وقلب يضخ الدم وبشرة تنزف دما. مات على صليب روماني علانية في مكان الخطاة حتى يخلص كل من يؤمن به من غضب الله. حدث ذلك مرة وإلى الأبد في التاريخ.

لذلك، فإن العمل العقلي للعشاء الرباني هو أساسا أن نتذكر. ليس تخيلا. ليس حلما. ليس توجيها. ليس إصغاءً. ليس الخوض في الحيادي. بل هو التوجيه الواعي للذهن نحو التاريخ الماضي للمسيح وما نعرفه عنه من الكتاب المقدس. فالعشاء الرباني يأصلنا، مرة بعد مرة، في لب التاريخ. الخبز والكأس. الجسد والدم. الصلب والموت.

5. العمل الروحي للعشاء الرباني:

هذا كله مهم. والسبب هو أن غير المؤمنين يمكنهم أن يفعلوا كل ما وصفته حتى الآن. في الواقع، إذا كان الشيطان يمكنه أن يلبس جسدا، فهو يمكنه أن يفعل ذلك. يأكل، ويشرب، ويتذكر. ليس هناك شيء روحي متأصل في ذلك. لكي يكون للعشاء الرباني ما قصده المسيح له أن يكون، يجب أن يحدث شيئاً أكثر من مجرد الأكل والشرب والتذكر يجب أن يحدث. شيئا لا يستطيع غير المؤمنين والشيطان أن يفعلوه.

اسمحوا لي أن اقرأ الجملة المفتاحية من إقرار إيمان الشيوخ مرة أخرى، وبعد ذلك اظهر لكم في الكتاب المقدس من أين يأتي ذلك. "أولئك الذين يأكلون ويشربون باستحقاق يشتركون في جسد المسيح ودمه، ليس جسديا، ولكن روحيا، في ذلك، بالإيمان، يتغذون بالفوائد التي حصل عليها بموته، وهكذا ينمون في النعمة.”

من أين تأتي فكرة "الاشتراك في جسد المسيح ودمه... روحيا... بالإيمان"؟ إنّ أقرب نص لدعم هذا هو في الإصحاح السابق: 1 كورنثوس 10: 16-18. وأنا اقرأه اسأل: "ماذا يعني الاشتراك"؟"

كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ (koinōnia estin tou haimatos tou Christou)؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ (ouchi koinōnia tou sōmatos tou Christou estin)؟ فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ. انْظُرُوا إِسْرَائِيلَ حَسَبَ الْجَسَدِ. أَلَيْسَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الذَّبَائِحَ هُمْ شُرَكَاءَ الْمَذْبَحِ (koinōnia tou thusiastēriou)؟

هنا شيئ أعمق بكثير من مجرد التذكر. هنا المؤمنون الذين يثقون في المسيح يسوع ويعتزون به، يقول بولس يشتركون في جسد المسيح ودمه. حرفيا، هم يختبرون نصيبا (koinōnia) في جسده ودمه. فهم يختبرون شراكة في موته.

شركة في جسد المسيح ودمه روحيا بالإيمان:

وماذا يعني هذه الاشتراك/التشارك/الشراكة؟ أعتقد أن الآية 18 تعطينا فكرة لأنها تستخدم كلمة مماثلة، ولكن تقارنها مع ما يحدث في الذبائح اليهودية: "انْظُرُوا إِسْرَائِيلَ حَسَبَ الْجَسَدِ. أَلَيْسَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الذَّبَائِحَ هُمْ شُرَكَاءَ [تصريف نحوي لنفس الكلمة] الْمَذْبَحِ؟" ماذا تعني المشاركة/ الاشتراك/الشراكة في المذبح؟ يعني أنهم يتشاركون في أو يستفيدون مما حدث على المذبح. فهم يتمتعون، على سبيل المثال، بالغفران واستعادة الشركة مع الله.

لذلك آخذ الآية 16 و17 على أنهما تعنيان أنه عندما يأكل المؤمنين الخبز ويشربون الكأس ماديا نحن نقوم بنوع آخر من الأكل والشرب روحيا. فنحن نأكل ونشرب، أي، نحن نأخذ في حياتنا ما حدث على الصليب. بالإيمان، عن طريق الثقة في الله أنه بالتمام لنا في المسيح، نحن نغذي أنفسنا بالفوائد التي حصل عليها المسيح لنا عندما سفك دمه ومات على الصليب.

هذا هو السبب في أننا نقودك في مختلف الأطوار على مائدة الرب من شهر إلى شهر (سلام مع الله، فرح في المسيح، رجاء في المستقبل، حرية من الخوف، أمان في الشدائد، توجيه في الحيرة، شفاء من المرض، انتصار في التجربة، وما إلى ذلك). لأنه عندما مات المسيح، فإن دمه المسفوك وجسده المكسور المقدم عند موته نيابة عنا قد اقتنى كل وعود الله. يقول بولس: "لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ «النَّعَمْ» وَفِيهِ «الآمِينُ»." (2 كورنثوس 1: 20). لقد حصلنا على كل عطية من الله، وكل شركتنا البهيجة مع الله، بدم المسيح. عندما يقول بولس "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟" هو يقصد: ألا نحتفل في مائدة الرب روحيا بالإيمان في كل بركة روحية مشتراة بجسد ودم المسيح؟ غير المؤمين لا يستطيع أن يفعل ذلك. لا يمكن للشيطان أن يفعل ذلك. إنها عطية لجميع أفراد الأسرة. عندما نحتفل بالعشاء الرباني، نعيّد روحيا بالإيمان في كل وعود الله التي اشتراها دم المسيح.

6. الجدية المقدسة للعشاء الرباني:

أختم بالطريقة التي يختم بها بولس في 1 كورنثوس 11. فهو يحذر من أنه إن جئت إلى العشاء الرباني بطريقة متعجرفة، وقاسية، وبإهمال بحيث لا تميز مدى خطورة ما حدث على الصليب، قد تخسر حياتك، إن كنت مؤمنا، ليس بسبب الغضب، ولكن كعمل من أعمال تأديب الله الأبوي. اسمحوا لي ببساطة أن أقرأ ببطء 1 كورنثوس 11: 27-32 ونحن نتحرك بفرح وبجدية إلى مائدة الرب.

إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق [أي، لا يثق ويعتز بالعطية الثمينة للمسيح]، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ. 28وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ [ليس لمعرفة ما إن كنت صالحا بما فيه الكفاية، ولكن لمعرفة ما إن كنت على استعداد للابتعاد عن نفسك والثقة في المسيح لما تحتاجه]، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ. 29لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ [أي، دون أن تدرك أنه لا يجب التعامل مع هذا الخبز وكأنه شطيرة من السمك، بالطريقة التي كان يقوم بها البعض في كورنثوس]. 30[وهنا ما يقصده] مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ [ليس لإرسالها إلى الجحيم، فالآية التالية تشرح]. 31لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا، 32وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ [أي، البعض ضعيف، ومريض، ويموت] لِكَيْ لاَ نُدَانَ [أي، الذهاب للجحيم] مَعَ الْعَالَمِ.

لا تتعامل مع العشاء الرباني باستخفاف. فإنه واحد من أثمن العطايا التي قدمها المسيح لكنيسته. دعونا نأكل معا.